جلال الطالباني
أول رئيس كردي للعراق منذ تأسيسه قبل أكثر من ثمانين عاما، وزعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، تميز بتغير تحالفاته وإقامته علاقات متحولة شملت مختلف الأطراف، على سيرة معلمه القديم الملا مصطفى البارزاني الذي ما لبث أن انشق عنه ليؤسس لنفسه كيانا سياسيا وعسكريا سحب جزءا من سلطة العائلة البارزانية في كردستان العراق.
ولد جلال حسام الدين الطالبانى صيف عام 1933، وانضم إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة البارزاني الأب نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، وخلال بضع سنين أصبح عضوا قياديا في الحزب.
درس الحقوق في بغداد، وبدأ نشاطاته الخارجية مبكرا، فقد سافر عام 1957 إلى موسكو ودمشق مروجا لدولة كردية، وأقنع الحكومة المصرية بفتح إذاعة كردية من القاهرة.
عمل في الصحافة الكردية السرية منها والعلنية، وخدم كضابط مجند في الجيش العراقي قبل أن يصبح من قادة البيشمركة الكردية في حركة البارزاني المسلحة عام 1961، لكنه استمر في العمل السياسي رئيسا للوفد الكردي المفاوض مع الحكومة العراقية عام 1963، وممثلا للبارزاني في جولة شملت عدة دول أوروبية في نفس العام.
بدأت تحولات الطالباني العلنية بدءا من عام 1965، حينما شكل مع آخرين جناحا منشقا عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، وشارك مع الحكومة العراقية العام التالي في حملة عسكرية ضد قوات الملا مصطفى فيما اعتبره كثير من الكرد وصمة في تاريخه، لكن فصيله المنشق انحل عام 1970 بعدما عقد الملا مصطفى اتفاقا مع الحكومة العراقية فيما عرف ببيان 11 مارس/ آذار.
في عام 1975 أسس الطالباني في دمشق -التي منحته جواز سفر دبلوماسي- حزبه الحالي الاتحاد الوطني الكردستاني بعد قليل من انهيار قوات البيشمركة وخروج الملا مصطفى من العراق إثر اتفاق الجزائر بين العراق وإيران، وتبنى اتجاها يساريا وأصبح لاحقا عضوا في الاشتراكية الدولية، لكن علاقاته بالغرب لا سيما الولايات المتحدة وفرنسا تواصلت بقوة.
في عام 1976 بدأ الطالباني حركة مسلحة ضد السلطة المركزية، وتمركز نشاطه العسكري في منطقة السليمانية التي أصبحت بعد ذلك معقله، ومع بدء الحرب العراقية الإيرانية مطلع الثمانينيات فشلت محاولات السلطة المركزية للتفاوض معه، وقد استغل تلك الحرب للمناورة في علاقاته بين إيران وسوريا من جانب والسلطة في بغداد من جانب آخر، الأمر الذي دعم مركزه في كردستان لا سيما بعد وفاة البارزاني الأب عام 1979.
يتهمه بعض الشيوعيين العراقيين بالتعاون مع المخابرات العراقية ورئيسها آنذاك برزان التكريتي حينما قام بالهجوم لصالحها على موقع للحزب الشيوعي العراقي في منطقة بشتا شان المعزولة شمال العراق في مايو/أيار 1983 وارتكاب ما يصفونه بالمجزرة هناك، كما يتهم بالتعاون مع القوات الإيرانية خلال الحرب، وقد تعرضت قواته لانتكاسة بعد عام 1988 مع نهاية الحرب وسيطرة الجيش العراقي على كردستان مما اضطره للجوء إلى إيران، لكن صلاته بالرئيس السابق صدام حسين تواصلت.
أسس الطالباني لنفسه إقليما وحكومة في السليمانية منذ انسحاب الإدارة المركزية من كردستان عام 1992، لكنه دخل في صراع نفوذ على المنطقة مع مسعود البارزاني، وخاض الطرفان حربا ضروسا منذ عام 1994، وكادت قوات الطالباني أن تقضي على قوات مسعود تماما بعد أن دخلت معقله في أربيل عام 1996، لولا أن الأخير استنجد بالرئيس السابق صدام حسين الذي أرسل قوات طردت مقاتلي الطالباني الذين هربوا مع زعيمهم إلى إيران.
احتفظ الطالباني بعلاقات جيدة مع الأميركيين قبل غزو العراق وبعده، ودخل منذ البداية في العملية السياسية تحت إشرافهم وأصبح عضوا في مجلس الحكم، ثم اختير رئيسا مؤقتا للعراق ربيع عام 2005، وجدد انتخابه من قبل مجلس النواب لرئاسة من أربع سنوات في أبريل/نيسان 2006.
i